يرى “بيل غيتس” مؤسس شركة “مايكروسوفت” أنَّ الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير هائل، أكبر من تأثير الكهرباء أو حتى النار، كما أكد “إيلون ماسك” مؤسس شركة “تسلا” وشركة “سبيس إكس” على أنَّ الذكاء الاصطناعي قد يحل المشكلات الكبرى التي تواجهنا حالياً، ويسهم في خلق مستقبل أفضل.
في الواقع، يتجاوز الذكاء الاصطناعي حدود البساطة التقنية، ويقدم لنا أفكاراً جديدة ومذهلة حول ما قد تُحقِّقه الآلات في المستقبل، فهو يهدف إلى إعطاء الآلات القدرة على التفكير بشكل ذكي، وتعلُّم المهارات، والتكيف مع التحديات المتغيرة، وعندما يتحقق هذا الهدف، فإنَّه قد يُحدِث تغييراً ثورياً في شتى المجالات من حياتنا، فما هو الذكاء الاصطناعي؟ ومتى بدأ؟ وما هي أنواعه ومجالات تطبيقه؟ وأي التطبيقات تعتمد عليه اعتماداً أساسياً؟
ماهية الذكاء الاصطناعي:
لتحديد المعنى الحقيقي للذكاء الاصطناعي، يجب في البداية تحديد معنى الذكاء البشري؛ إذ يتميز الذكاء البشري بقدرة الفرد على استيعاب المعلومات، وتحليلها، وفهمها، وتطبيقها في سياقات مختلفة، وإنَّه يشمل جوانب مختلفة، مثل الذكاء العاطفي والاجتماعي، إضافة إلى القدرات العقلية الأساسية مثل الذاكرة، والتركيز، والتفكير النقدي، فالذكاء البشري هو القدرة على التعلم، والتفكير، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات بطريقة فعالة ومنطقية.
الذكاء الاصطناعي هو محاكاة الذكاء البشري؛ إذ يهدف إلى إنشاء أجهزة ذكية تستطيع فهم وتعلُّم وتنفيذ المهام التي تتطلب تفكيراً بشرياً، فالذكاء الاصطناعي هو مجال يهتم بتصميم وتطوير الأنظمة والتقنيات التي تحاكي قدرات الذكاء البشري، كما يهدف الذكاء الاصطناعي إلى إنشاء أنظمة ذكية قادرة على استيعاب المعلومات، وتحليلها، واتخاذ القرارات بطريقة مشابهة للعقل البشري.
تاريخ الذكاء الاصطناعي من البدايات إلى الحاضر:
1. المرحلة الأولى: النشأة والتأسيس 1950- 1960
وُضِعَت في هذه المرحلة الأسس النظرية الأولى للذكاء الاصطناعي بواسطة علماء الحاسوب، مثل “ألان تورنغ” و”جون مكارثي”؛ إذ قدَّم “ألان تورنغ” في عام 1950 فكرة “اختبار تورنغ” لقياس القدرة على التفكير الذكي للأجهزة الآلية، وبعدها عُقِدَت مؤتمرات “دارتموث وروتسر” في عام 1956 التي وضعت الأسس لمجال الذكاء الاصطناعي بوصفه مجال بحث مستقلاً، كما طُوِّرَت في هذه المرحلة البرامج التي حققت التفوق في مجالات محددة، مثل “برنامج شتاينيتز” (Steinwitz Chess Program) للعب الشطرنج والتفوق على اللاعبين البشر.
2. المرحلة الثانية: امتدت من 1960- 1980:
ركز الباحثون في هذه المرحلة على تطوير النظريات والمفاهيم الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ إذ طُوِّرت نماذج عدة فاعلة للذكاء الاصطناعي، مثل نموذج الشبكة العصبية في عام 1958، ونظرية المعرفة الإطارية في عام 1970.
3. المرحلة الثالثة: امتدت من 1980- 1990
شهد الذكاء الاصطناعي ازدهاراً كبيراً؛ إذ طُوِّرَت أنظمة ذكاء اصطناعي تستند إلى المعرفة والخبرة، مثل نظام (Deep Blue) الذي هزم بطل العالم في الشطرنج “كاسباروف”.
4. المرحلة الرابعة: امتدت من 1990- 2000
في هذه المرحلة، تطورت تقنيات التعلم العميق والشبكات العصبية الاصطناعية.
5. المرحلة الخامسة: امتدت من 2000 إلى الوقت الحاضر
تَحقَّق التقدم الهائل في مجالات، مثل التعرف إلى الصوت والصورة، وترجمة اللغات، وتحليل البيانات الضخمة.
أنواع الذكاء الاصطناعي:
1. الذكاء الاصطناعي الضيق أو الضعيف (Weak AI Narrow AI or):
أبسط أنواع الذكاء الاصطناعي، فهو يشير إلى الأنظمة أو البرامج ذات القدرات المحدودة في مجالات معينة، ويُعَدُّ تصرفه بمنزلة رد فعل على أمر معين، ومن أمثلته الروبوت (ديب لو) الذي صممته شركة (IBM).
2. الذكاء الاصطناعي القوي أو العام (Strong AI General AI or):
يشير إلى النظم التي تفهم وتستوعب المعرفة، وتتفاعل تفاعلاً شبيهاً بالإنسان، فهو يهدف إلى تطوير أنظمة تتمتع بالوعي والتفكير الذاتي، وتكون قادرة على حل المشكلات بشكل مستقل، ومن أمثلتها روبوتات القيادة الذاتية، وتطبيقات الدردشة الفورية.
3. الذكاء الاصطناعي الخارق (Super AI):
هذه النماذج ما تزال قيد البحث والدراسة؛ إذ تسعى إلى محاكاة الإنسان من كافة النواحي العقلية، والاجتماعية، والعاطفية، وغيرها.
عناصر الذكاء الاصطناعي:
بما أنَّ الذكاء الاصطناعي عبر أنظمة حاسوبية تحاكي الإنسان في تصرفاته وتفكيره، فهذا يعني ضرورة توفُّر مجموعة من الصفات الأساسية فيه، وأهمها القدرة على التعلم، وإمكانية جمع البيانات وتحليلها، ومن ثم اتخاذ قرارات بناءً عليها، وعموماً يتكون الذكاء الاصطناعي من العناصر الآتية:
1. التعلم الآلي:
يشير إلى قدرة الأنظمة الاصطناعية على التعلم وتحسين أدائها، من خلال تجربة البيانات والتكيف مع التغيرات.
2. معالجة اللغة الطبيعية:
تسعى إلى تمكين الأنظمة الاصطناعية من فهم وتفسير اللغة البشرية، وتشمل مهام معالجة اللغة الطبيعية تحويل النصوص إلى معنى، والترجمة الآلية، واستخراج المعلومات، والتعرف إلى الكلام، والإجابة عن الأسئلة، وغيرها.
3. الرؤية الحاسوبية:
تركز على تمكين الأنظمة الاصطناعية من فهم وتحليل الصور والفيديو.
4. المنطق والاستدلال:
يسعى إلى استخدام قواعد المعرفة والمنطق الرمزي للتفكير والاستدلال لاتخاذ القرارات المنطقية.
5. الروبوتات والواجهة البشرية:
يرتبطان بتطوير الروبوتات والواجهات البشرية لتمكين التفاعل والتواصل بين الأنظمة الاصطناعية والبشر.
مجالات الذكاء الاصطناعي:
الذكاء الاصطناعي ليس حكراً على مجال محدد؛ إذ يدخل استخدامه في مجالات متعددة منها:
1. الصناعة:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات التصنيع والإنتاج، وتحليل البيانات لتحسين كفاءة العمليات وتوقُّع الأعطال والصيانة الوقائية.
2. الصحة:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض، وتوجيه العلاجات، وتحليل البيانات الطبية، وتحسين الرعاية الصحية.
3. المالية:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في المجالات المصرفية، والتأمين، والاستثمار، مثل التحليل المالي، والتنبؤ بالأسواق، والاحتيال المالي، وإدارة المخاطر.
4. التجارة الإلكترونية:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك المستخدمين، وتوصيات المنتجات، وتحسين تجربة التسوق عبر الإنترنت.
5. النقل واللوجستيات:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تحسين نظم المرور، وتخطيط الطرق، وتحسين النقل العام، وإدارة سلاسل التوريد.
6. التعليم:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة التعلم عبر الإنترنت، وتوفير تعليم مخصص، وتحليل أداء الطلاب، وتوجيه التوصيات التعليمية.
7. الزراعة:
يحسِّن الذكاء الاصطناعي إنتاجية المحاصيل الزراعية عن طريق تحليل البيانات الزراعية، وتوفير توصيات دقيقة للسماد والري، والعناية بالمحاصيل، والتنبؤ بالأمراض والآفات.
8. الطاقة:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة إنتاج الطاقة وتوزيعها، وتحسين استدامتها، وتحليل أنماط استهلاك الطاقة، والتنبؤ بالطلب والعرض، وتحسين إدارة الشبكات الذكية.
9. القانون:
يحلل الذكاء الاصطناعي النصوص القانونية والمستندات القانونية ويفسرها، وهذا يساعد على تسريع عملية البحث، وتحليل القضايا القانونية، وتوفير معلومات قانونية مُحدَثة وشاملة.
10. الفن:
يُستَخدَم الذكاء الاصطناعي في توليد الأعمال الفنية الجديدة، وتحليل الأعمال الفنية القائمة، وفهم الأساليب والتقنيات المستخدَمة فيها، وتطوير أدوات وبرامج تساعد الفنانين والمبدعين على تحسين إنتاجهم الفني، وتوليد الرسومات والتصاميم المرئية، وإنتاج الموسيقى والصوتيات المبتكَرة.
تطبيقات أساسية تستخدم الذكاء الاصطناعي:
1. الروبوتيكس (Robotics):
أبرز أشكال الذكاء الاصطناعي؛ إذ يهتم ببناء هيكل مادي يعمل وفق منطق بشري، يُبَرمَج ليؤدي مهام محددة، مثل روبوت القيادة الذاتية.
2. الطائرات دون طيار:
تختلف الأغراض التي أُعِدَّت من أجلها؛ إذ توجد طائرات دون طيار للمراقبة، وطائرات التوصيل، والطائرات المستخدَمة في التصوير، وغيرها.
3. برامج المساعدة الصوتية:
هي البرامج التي تتلقى الأوامر الصوتية من المستخدِم لتنفيذ مهام محددة، وقد أنشأت الشركات برامج عدة، ومنها:
- شركة “آبل”: تطبيق (SIRI).
- شركة “أمازون”: تطبيق (ALEXA).
- شركة “مايكروسوفت”: برنامج (Cortana).
- شركة “غوغل”: (Google Assistant).
- شركة “فيسبوك”: برنامج (Jarvis).
4. خوارزميات التحكم في نتائج الترشيحات:
أبرز نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحلل سلوك المستخدِم، وتعرف توجهاته، وتبني اقتراحات البحث بناءً عليها.
5. أنظمة المراقبة والاستشعار:
تُستَخدَم للحصول على معلومات دقيقة عن البيئة المحيطة ومراقبة الأحداث والظروف بشكل مستمر، وتُستَخدَم في مجموعة متنوعة من المجالات والتطبيقات.
6. تطبيقات الترجمة الآلية:
تُستَخدَم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق ترجمة آلية بين لغات مختلفة.
7. تطبيقات الرد على العملاء:
تطبيقات تتيح الإجابة الفورية عن أسئلة العملاء.
8. تطبيقات توقُّع احتياجات العملاء:
تطبيقات تعتمد على البيانات التاريخية في توقُّع حاجات العميل المستقبلية.
9. تطبيقات تشخيص الأمراض:
تطبيقات لتحليل الصور الطبية والبيانات السريرية، وتشخيص الأمراض بدقة.
10. برامج الألعاب:
مثل ألعاب الفيديو وألعاب الشطرنج.
11. التطبيقات الخاصة بتعليم اللغات:
مثل (Duolingo، Rosetta Stone، Babbel Memrise).
12. تطبيقات التحكم اللاخطي:
مثل التحكم بالسكك الحديدية.
في الختام:
أصبح للذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة في الحياة اليومية للإنسان، فهو يقدم فرصاً هائلة لتحسين جوانب عدة من الحياة وتسهيل المهام اليومية؛ إذ يُحدِث الذكاء الاصطناعي تغييراً جذرياً في الصناعة، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، والزراعة، والنقل، والترفيه، وغيرها من المجالات، كما يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة العمل، وزيادة الإنتاجية، وتحسين جودة الحياة بشكل عام، وقد تساعدنا التطبيقات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على إدارة وقتنا ومواردنا إدارةً أفضل، وتحسين قراراتنا، وتوفير حلول مبتكرة للمشكلات التي نواجهها.
اكتشاف المزيد من مباشر التقنية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.