إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للصيانة التنبؤية لمساعدة الشركات على الحفاظ على المعدات قبل تعطُّلها، كما يمكن تحديد فرص جديدة للابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات العملاء بشكل أفضل.
على الرغم من الفوائد، توجد تحديات وعيوب محتملة مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية؛ لذا سنقدِّم لك في هذا المقال نظرة شاملة على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية، وميزاته، والآفاق، والتحديات التي تواجهه في هذا المجال.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء الاصطناعي (AI) هو مصطلح شامل يشير إلى تطوير أنظمة الحاسوب التي يمكنها أداء المهام التي عادةً ما تتطلب الذكاء البشري، فالهدف من الذكاء الاصطناعي هو إنشاء آلات يمكنها التعلم والاستنتاج وإدراك بيئتها بطريقة مشابهة للذكاء البشري أو حتى تجاوزه، وقد تم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي لتتعلم من الخبرة وتحسين أدائها مع مرور الوقت.
يمكن تصنيف الذكاء الاصطناعي إلى فئتين رئيستين؛ الذكاء الاصطناعي المحدَّد والذكاء الاصطناعي العام؛ إذ يتم تصميم الذكاء الاصطناعي المحدَّد لأداء مهام محدَّدة، مثل لعب الشطرنج أو التعرف إلى الصور أو توصية المنتجات بناءً على تفضيلات المستخدم، وتتم برمجة هذه الأنظمة على التعرف إلى الأنماط المختلفة واتخاذ القرارات بناءً على المعطيات، كما أنَّها متخصصة للغاية ولا يمكنها أداء المهام خارج مجال خبرتها المحدد.
أما الذكاء الاصطناعي العام، فهو قادر على أداء أيَّة مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها، فلا يقتصر على مجال أو مهمة معينة، ويمكنه التكيف مع الحالات الجديدة والتعلم من الخبرات الجديدة؛ إذ أحدث تطوير الذكاء الاصطناعي ثورة في مجالات عدة، مثل الرعاية الصحية والتمويل والنقل والتصنيع.
مثلاً، في الرعاية الصحية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الطبية والمساعدة على تشخيص الأمراض، وفي التمويل، يمكن استخدامه للكشف عن الاحتيال وإدارة المخاطر، وفي النقل، يمكن استخدامه لتحسين تدفق المرور وتقليل الحوادث، وفي التصنيع، يمكن استخدامه لتحسين عمليات الإنتاج وتقليل النفايات.
دور ومزايا الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية:
يستخدم الذكاء الاصطناعي الخوارزميات مثل خوارزميات التعلم الآلي وتقنيات التعلم ومعالجة البيانات، لمساعدة الشركات على تحسين عمليات الإنتاج وتقليل النفايات وزيادة الكفاءة، وإحدى المزايا الرئيسة للذكاء الاصطناعي في الإنتاج هي الصيانة التنبؤية؛ إذ تتضمن الصيانة التنبؤية استخدام البيانات للتنبؤ بموعد فشل المعدات، وهذا يسمح للشركات بجدولة الصيانة قبل وقوع العطل.
باستخدام خوارزميات التعلم الآلي لتحليل البيانات الواردة من الحساسات وغيرها من المصادر، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بموعد فشل المعدات بدرجة عالية من الدقة، وهذا يسمح للشركات بتقليل وقت التوقف وزيادة توفُّر المعدات وتحسين الإنتاجية العامة.
توجد وسيلة أخرى يتم بها استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاج وهي مراقبة الجودة؛ إذ يمكن للذكاء الاصطناعي باستخدام الخوارزميات تحليل صور المنتجات لتحديد العيوب والمشكلات الأخرى المتعلقة بالجودة، وهذا يسمح للشركات بالتقاط المشكلات في جودة المنتج في وقت مبكر من عملية الإنتاج، وهذا بدوره يقلل من النفايات ويحسِّن الجودة العامة لمنتجاتهم.
كما يتم باستخدام الذكاء الاصطناعي تحسين عمليات التوريد، على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات على تحسين سلسلة التوريد الخاصة بهم، وتقليل الوقت اللازم لتسليم المواد إلى خط الإنتاج، كما يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات على تحسين جدول الإنتاج الخاص بهم، وضمان استخدام الموارد بكفاءة وإنتاج المنتجات في الوقت المحدد.
إضافة إلى هذه المزايا، يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات على تخفيض التكاليف؛ إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المناطق التي يمكن تخفيض التكاليف فيها، على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات على تخفيض استهلاك الطاقة عن طريق تحديد المناطق التي يتم فيها إهدار الطاقة، كما يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات على تقليل النفايات عن طريق تحديد المناطق التي يتم فيها استخدام المواد بشكل زائد أو يتم فيها إهدار المواد.
أمثلة عن تحسين الإنتاجية باستخدام الذكاء الاصطناعي:
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بتشغيل المهام المتكررة، وتبسيط العمليات، وتقديم نصائح قيِّمة يمكن أن تساعد العمال على اتخاذ قرارات أفضل، ومن الأمثلة عن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية:
1. أتمتة خدمة العملاء:
أحد الاستخدامات الأكثر شيوعاً للذكاء الاصطناعي في الأعمال هي خدمة العملاء؛ إذ يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مساعدة العملاء في استفساراتهم ومشكلاتهم على مدار 24/7، وهذا يوجِّه ممثلي خدمة العملاء البشريين للتعامل مع المسائل الأكثر تعقيداً، ويمكن أيضاً لروبوتات الدردشة جمع البيانات المتعلقة بتفاعل العملاء واستخدام تلك البيانات لتحسين ردودهم وتجربة العملاء عموماً.
2. أتمتة إدخال البيانات:
إدخال البيانات من المهام التي تستهلك الوقت وتحتوي على كثير من الأخطاء، لكن يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة هذه المهمة وتقليل الأخطاء؛ إذ يمكن للبرامج المدعومة بالذكاء الاصطناعي استخراج البيانات تلقائياً من مصادر مختلفة، مثل البريد الإلكتروني والفواتير والنماذج، وإدخالها في الحقول المناسبة في قاعدة البيانات أو جدول البيانات، ويمكن لهذا أن يوفر كثيراً من الوقت ويقلل من خطر الأخطاء.
3. تبسيط إدارة سلسلة التوريد:
يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة على تحسين عمليات سلسلة التوريد من خلال التنبؤ بالطلب وتحديد الانقطاعات المحتملة واقتراح طرائق لتحسين الكفاءة، على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من أنظمة الشحن واللوجستيات لتحديد العقبات واقتراح طرائق لتقليل تكاليف النقل وأوقات التسليم.
4. تحسين توقعات المبيعات:
يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة أيضاً على التنبؤ باتجاهات المبيعات من خلال تحليل البيانات من مصادر مختلفة، مثل سلوك العملاء واتجاهات السوق وبيانات المبيعات التاريخية، وهذا يساعد على توقُّع المبيعات بشكل أكثر دقة وضبط استراتيجياتها بشكل مناسب.
5. تعزيز إنتاجية الموظفين
يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين على العمل بشكل أكثر كفاءة من خلال أتمتة المهام المتكررة، مثل جدولة المواعيد وإدارة البريد الإلكتروني، ويمكن أيضاً للمساعدين الافتراضيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي تزويد الموظفين بالمعلومات والنصائح في الوقت الفعلي، مثل بيانات العملاء واتجاهات المبيعات، لمساعدتهم على اتخاذ قرارات أفضل.
6. تحسين تصميم المنتج:
يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة على تصميم منتجات أفضل عن طريق تحليل ردود الفعل من العملاء واتجاهات السوق وغيرها من مصادر البيانات، كما يمكن للبرامج المدعومة بالذكاء الاصطناعي أيضاً محاكاة خيارات التصميم المختلفة وتوقُّع كيفية أدائها في العالم الحقيقي، وهذا يسمح باتخاذ قرارات أفضل بشأن تطوير المنتج.
7. تحسين حملات التسويق
يستطيع الذكاء الاصطناعي أيضاً تحسين حملات التسويق من خلال تحليل بيانات العملاء وتحديد الأنماط والاتجاهات، على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد العملاء المحتملين لحملة تسويق معينة واقتراح رسائل وعروض شخصية تتناسب معهم بشكل أكبر.
عيوب تحسين الإنتاجية باستخدام الذكاء الصناعي:
على الرغم من أنَّ فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية كبيرة، لكن توجد بعض العوائق والسلبيات المحتملة التي يجب النظر إليها، فأحد أهم عيوب استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج هو التكلفة المالية؛ إذ إنَّ تنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي يتطلب استثماراً كبيراً في الأجهزة والبرامج والموظفين، إضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون تكلفة صيانة وتحديث أنظمة الذكاء الاصطناعي عالية، فقد تتطور التكنولوجيا باستمرار.
أما التحدي الآخر المرتبط باستخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج هو الحاجة إلى البيانات عالية الجودة؛ إذ تعتمد خوارزميات الذكاء الاصطناعي على كميات كبيرة من البيانات للتعلم والتنبؤ؛ لذا يجب على الشركات ضمان جمع بيانات عالية الجودة، ويمكن أن تكون عملية جمع البيانات وإدارتها معقدة وتستغرق وقتاً.
إضافة إلى خطر فقدان الوظائف؛ إذ يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة أن تقوم بأداء المهام التي كان يقوم بها البشر سابقاً، وهذا يؤدي إلى تحويل الوظائف في بعض الصناعات، وهذا مقلق خاصةً للعمال في الوظائف ذات المهارات البسيطة الذين قد يتم الاستغناء عنهم.
الخطر الآخر المحتمل هو خطر التحيز؛ إذ يمكن أن تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعي متحيزة إذا تمت برمجتها على بيانات غير متماثلة للسكان، على سبيل المثال، إذا تمت برمجة أنظمة الذكاء الاصطناعي على بيانات تمثِّل الذكور بشكل رئيس، فقد لا تعمل بنفس الانحياز بشكل جيد عندما تمثل البيانات الإناث، ويمكن أن يكون لذلك تبعات سلبية، وخاصةً في صناعات مثل الرعاية الصحية؛ إذ يمكن أن تؤدي الخوارزميات المتحيزة إلى تشخيصات وعلاجات غير صحيحة.
في الختام:
يوجد تخوُّف من مخاطر اختراق الأمان، فقد تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي عرضة للهجمات الإلكترونية، وهذا يؤدي إلى تعريض البيانات الحساسة للخطر وتعطيل عمليات الإنتاج، ويجب على الشركات ضمان وجود إجراءات أمان قوية لحماية أنظمتها من التهديدات المحتملة.
باختصار، يحمل الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة لتحسين الإنتاجية في مختلف الصناعات، فمن خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد معلومات عدة قد لا تكون واضحة للبشر، وهذا يؤدي إلى تحسين الكفاءة وتقليل النفايات وتحسين جودة المنتجات.
مع ذلك، فإنَّ تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي يترافق مع تحديات كبيرة، مثل التكاليف العالية والحاجة إلى بيانات عالية الجودة والخطر المحتمل للبطالة، ولتحقيق الإمكانات الكاملة والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الإنتاجية، يجب على الشركات معالجة هذه التحديات.
يمكن للشركات تخطي هذه التحديات وجني فوائد الذكاء الاصطناعي من خلال اعتماد أفضل الممارسات، مثل الاستثمار في الموظفين الموهوبين وجمع بيانات عالية الجودة وتطوير استراتيجيات لإدارة التكاليف، وعموماً، فإنَّ فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاجية كبيرة، ومن الواضح أنَّ الذكاء الاصطناعي سيؤدي دوراً حاسماً في تشكيل مستقبل العمل.
اكتشاف المزيد من مباشر التقنية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.