تحسين الأمان والسلامة في المنشآت الصناعية باستخدام الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي دوراً حاسماً في تحديات السلامة والأمن هذه؛ فبوساطة مراقبة البيانات وتحليلها من مصادر مختلفة في الوقت الحقيقي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد المخاطر المحتملة واتخاذ إجراءات وقائية للحد منها قبل أن تتسبب في إيذاء الموظفين أو المعدات، كما يمكن لهذا النهج الوقائي في مجال السلامة والأمن أن يساعد على تقليل الحوادث والإصابات في مكان العمل، وخلق بيئة عمل أكثر أماناً للموظفين.

سنتعرف في هذا المقال إلى ميزات استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الأمان والسلامة في المنشآت الصناعية والمساوئ المحتملة له .

ما هو الذكاء الاصطناعي؟ 

هو العقل الاصطناعي الذي يُصمَّم ليمتلك القدرة على التفكير والتعلم واتخاذ القرارات بصورة مستقلة مشابهة إلى حد كبير العقل البشري، فيُصنَّف الذكاء الاصطناعي إلى زمرتين رئيستين: الذكاء الاصطناعي ذو المهام المحددة والذكاء الاصطناعي العام، الأول مخصص لأداء مهام محددة، مثل التصميم أو التعرف إلى الصور، في حين أنَّ الثاني يمكنه أداء أي مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها.

تتنوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عدد من المجالات؛ فهي تُستخدَم في الرعاية الصحية لتحليل الصور الطبية وتشخيص الأمراض، وفي التمويل للكشف عن الاحتيال وإدارة المخاطر، وفي النقل لتحسين تدفق المرور وتقليل الحوادث، وفي التصنيع لتحسين عمليات الإنتاج وتقليل النفايات؛ بمعنى آخر يمكن القول إنَّ الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة حقيقية في العالم الحديث ويتوقع أن يستمر التطور فيه لسنوات قادمة.

دور تحسين الأمان والسلامة في المنشآت الصناعية باستخدام الذكاء الاصطناعي وميزاته:

السلامة والأمان هما عنصران حرجان في المنشآت الصناعية، ويمكن لاستخدام الذكاء الاصطناعي (AI) أن يساعد على تحسين كليهما؛ إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين السلامة والأمان من خلال توفير طرائق متقدمة في المراقبة والتحليل؛ ما يساعد على تحديد المخاطر المحتملة قبل حدوثها وتخفيفها.

إحدى الفوائد الرئيسة لاستخدام الذكاء الاصطناعي للسلامة والأمان في المنشآت الصناعية هي تحسين نتائج السلامة؛ من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة البيانات وتحليلها من مصادر مختلفة، ويمكن للمنشآت تحديد المخاطر المحتملة واتخاذ إجراءات لمنع الحوادث والإصابات؛ مثلاً يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة المعدات والآلات لاكتشاف الأعطال أو العيوب المحتملة قبل أن تتسبب في إيذاء العمال، ويمكن أن يساعد هذا على تقليل عدد الحوادث والإصابات في مكان العمل؛ ما يؤدي إلى بيئة أكثر أماناً للموظفين.

من الفوائد الأخرى لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين السلامة والأمان في المنشآت الصناعية، زيادة الإنتاجية؛ وذلك من خلال تقليل مخاطر الحوادث وفشل المعدات، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد على سير العمليات بسلاسة وكفاءة، ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الإنتاجية، وتقليل وقت التوقف، وتحسين الربحية. 

يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي كذلك على تقليل التكاليف المرتبطة بالسلامة والأمان في المنشآت الصناعية؛ وذلك من خلال تحديد المشكلات المحتملة قبل حدوثها، ويمكن للمنشآت اتخاذ إجراءات لمنع التصليحات أو الاستبدالات غالية الثمن؛ مثلاً يمكن للصيانة الوقائية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تساعد على تحديد فشل المعدات قبل حدوثها؛ ما يتيح لفرق الصيانة جدولة الإصلاحات أو الاستبدالات قبل تعطل المعدات، ويمكن أن يساعد هذا على تقليل تكلفة الإصلاحات وتقليل وقت التوقف المرتبط بفشل المعدات.

يمكن لاستخدام الذكاء الاصطناعي للسلامة والأمان في المنشآت الصناعية تعزيز الأمن، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة المنشآت في الوقت الفعلي، والكشف عن الانتهاكات الأمنية المحتملة والاستجابة لها، ويمكن لأنظمة المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي كشف الأشياء وتعقبها والتعرف إلى الوجوه، وتحديد أنماط السلوك المشبوهة.

يمكن للموظفين المكلفين بالأمن الاستجابة بسرعة للتهديدات المحتملة؛ ما يقلل من مخاطر الأذى أو الخسارة، إضافة إلى تعزيز الأمن الفيزيائي يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تحسين الأمن السيبراني في المنشآت الصناعية، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة حركة المرور على الشبكة وتحليلها، والكشف عن التهديدات والثغرات السيبرانية المحتملة، ويمكن لهذا التحليل المساعد بالذكاء الاصطناعي أن يساعد على منع الهجمات السيبرانية وتقليل مخاطر اختراق البيانات.

يعزز الاستخدام الذكي للذكاء الاصطناعي السلامة والأمان في المنشآت الصناعية؛ وذلك من خلال تحسين الامتثال للتشريعات والمعايير، فتخضع عدة صناعات لتشريعات صارمة في مجال السلامة والأمان، وعدم الامتثال لهذه التشريعات يمكن أن يؤدي إلى فرض غرامات ودعاوى قضائية وعاقبات قانونية أخرى من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة وتحليل البيانات، كما يمكن للمنشآت التأكد من أنَّها تلبي المتطلبات التنظيمية وتجنب المشكلات القانونية المحتملة.

أمثلة عن استخدام الذكاء الصناعي في تحسين الأمن والسلامة في المنشآت الصناعية:

يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) دوراً حيوياً متزايداً في تحسين الأمن والسلامة في المنشآت الصناعية، وقد تحولت التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى طريقة تحولية للمنشآت الصناعية في معاملة السلامة والأمن؛ ما يتيح وضع إجراءات وقائية فاعلة للوقاية من الحوادث والأحداث قبل حدوثها.

إحدى الفوائد الرئيسة للذكاء الاصطناعي هي قدرته على تحليل كميات كبيرة من البيانات؛ ما يتيح له كشف الأنماط والتعرف إلى المخاطر الأمنية أو الخطرة المحتملة التي قد تمر دون اكتشاف؛ فمثلاً يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة أداء المعدات وكشف الشذوذ، وتنبيه المشغلين عند وجود فشل محتمل قبل حدوثه، هذا يتيح إجراء الصيانة الوقائية؛ ما يقلل من احتمال فشل المعدات ويقلل من خطر الحوادث.

جانب آخر هام للذكاء الاصطناعي في السلامة والأمان الصناعي هو قدرته على تحسين الوعي من خلال استخدام الحساسات والكاميرات، فيمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة البيئة وكشف المخاطر الأمنية أو الخطرة المحتملة للسلامة، هذا يتيح إجراء استجابات سريعة وفاعلة في حالة الطوارئ، ويمكن أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين السلامة في البيئات الخطرة؛ فمثلاً في صناعة النفط والغاز يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة البيانات البيئية وتحليلها، مثل درجة الحرارة والضغط ومستويات الغاز لتحديد المخاطر الأمنية المحتملة وتنبيه العمال في الوقت الفعلي، كما يمكن أن يساعد هذا على منع الحوادث وتقليل خطر الإصابة أو الوفاة.

يمكن استخدام تحليلات الفيديو القائمة على الذكاء الاصطناعي لمراقبة وكشف المخاطر الأمنية المحتملة، مثل المتسللين أو الوصول غير المصرح به إلى المناطق المحظورة، وهذا يتيح إجراء استجابات سريعة وفاعلة؛ ما يقلل من احتمال حدوث اختراقات الأمن والسرقة.

مساوئ تحسين الأمان والسلامة في المنشآت الصناعية باستخدام الذكاء الاصطناعي:

على الرغم من أنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين السلامة والأمن في المنشآت الصناعية يحمل عديداً من الميزات والفوائد، لكن توجد بعض العيوب والمشكلات المحتملة التي يجب مراعاتها، مثل:

1. اعتماد التكنولوجيا:

يعتمد استخدام الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا معينة؛ ما يعني أنَّه إذا حدث خلل في هذه التكنولوجيا؛ فقد يؤثر في الأداء العام لنظام الأمان والسلامة في المنشأة، إضافة إلى ذلك فإنَّ اعتماد التكنولوجيا الكبير يُحتم على المنشآت الصناعية الاستثمار في الأجهزة والبرمجيات والتدريب اللازم لتشغيل وصيانة هذه التقنيات.

2. احتمال الخطأ في الذكاء الاصطناعي:

على الرغم من أنَّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن إجراءات السلامة والأمن في المنشآت الصناعية إلى حد كبير، إلا أنَّه ما يزال يعتمد على برمجيات وخوارزميات؛ ومن ثمَّ فإنَّه يمكن أن يكون عرضة للأخطاء التقنية والأخطاء البرمجية، وهذا يمثل خطراً على السلامة والأمن في المنشأة.

3. خطر اختراق الذكاء الاصطناعي:

يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي محمياً إلى حد جيد من الاختراقات والهجمات الإلكترونية، ومع ذلك يمكن للمهاجمين الذين يستهدفون المنشآت الصناعية العبث بنظام الذكاء الاصطناعي وتغيير نتائج التحليلات والتنبؤات، وهذا يؤدي إلى خطر على السلامة والأمن في المنشأة.

4. التوافق مع القوانين واللوائح:

عند استخدام الذكاء الاصطناعي في المنشآت الصناعية، يجب الامتثال للقوانين واللوائح المنظمة للصناعة، وقد تتضمن هذه اللوائح متطلبات معينة للمراقبة والتحليل والتدريب، ويجب على المنشآت الصناعية التأكد من أنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي يوافق هذه المتطلبات.

5. التكلفة:

يعد تطبيق الذكاء الاصطناعي في المنشآت الصناعية مكلفاً، ويتطلب استثماراً كبيراً في الأجهزة والبرمجيات والتدريب، إضافة إلى ذلك فإنَّه يتطلب مزيداً من التحديثات والصيانة الدورية، وهذا يزيد من التكاليف الإجمالية للاستخدام المستمر للذكاء الاصطناعي.

6. اعتماد البيانات الكبير:

يعتمد الذكاء الاصطناعيُّ البياناتِ لتحليلها وتوفير توصيات وتنبؤات، ويجب على المنشآت الصناعية الاستثمار في جمع البيانات وتحليلها دورياً، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تكاليف إضافية ويزيد من اعتمادية البيانات.

7. تأثير الذكاء الاصطناعي في العمالة:

من المرجح أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تقليل حاجة المنشآت الصناعية إلى العمالة البشرية، وهذا يمكن أن يؤثر في فرص العمل والدخل للعمالة، ويجب على المنشآت الصناعية مراعاة هذا الجانب واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على فرص العمل والدخل للعمالة.

في الختام:

أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي أمراً ضرورياً على نحو متزايد في تحسين الأمان والسلامة في المنشآت الصناعية، وتحولت التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى تغيير جذري في نهج المنشآت الصناعية وأمانها؛ ما يتيح وضع إجراءات وقائية أكثر فاعلية لمنع الحوادث قبل حدوثها، وتتيح قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات كبيرة من البيانات في الوقت وتحسين الوعي واستخدامه أداة قيمة في الكشف عن المخاطر الأمنية والخطرة المحتملة على السلامة.

مع ذلك يجب ملاحظة أنَّ الذكاء الاصطناعي ليس حلاً كلياً لجميع التحديات الأمنية والسلامة، ويجب استخدامه بالاشتراك مع إجراءات أخرى، ومع استمرار تطور التكنولوجيا ستصبح الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيداً؛ ما سيوفر بيئة عمل أكثر أماناً للعمال في المنشآت الصناعية.