دخل الذكاء الاصطناعي عالَم العمل والصناعة تدريجياً مع تطور التكنولوجيا وتحسُّن قدرات الحوسبة، فكانت المرحلة الأولى هي دخول الذكاء الاصطناعي في الصناعة؛ إذ استُخدم الذكاء الاصطناعي بغرض تحسين الإنتاجية والكفاءة؛ وذلك من خلال تطبيق تقنيات التصنيع الذكي المتطورة والحوسبة السحابية والتعلم الآلي، فتسبَّب ذلك بتحسين الإنتاجية والجودة وتقليل التكاليف والأخطاء البشرية.
في المرحلة الثانية بدأ الذكاء الاصطناعي الدخول إلى المجالات الخدمية، مثل الصحة والتعليم والتجارة الإلكترونية، واستُخدِم في هذه المجالات لتحسين جودة الخدمات وتقديم الخدمات المناسبة للمستخدمين بجودة أفضل وأسرع.
فيما بعد دخل الذكاء الاصطناعي المجالات الإدارية؛ وذلك من خلال تطبيقه في مجالات التخطيط والتنظيم والتحليل والإدارة الإلكترونية، وما يزال العالم مفتوحاً على احتمالات هائلة بسبب التطور غير المتوقع للتقنيات الذكية وقدرات الحوسبة، ولا يمكن إنكار فرص ازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات المختلفة وتحوله إلى تقنية أساسية في العمليات الحيوية والإدارية والصناعية.
سوف نناقش في هذا المقال التغيرات التي طرأت على عالم الأعمال والصناعة بعد دخول الذكاء الاصطناعي.
كيف يغيِّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالَم العمل؟
يُعدُّ الذكاء الاصطناعي من أهم التقنيات التي غيَّرت وجه الصناعة وعالم العمل؛ إذ يُستخدَم في المجالات والقطاعات المختلفة لتحسين الأداء وتحقيق النجاح والتميز، فكانت له بصمة مميزة برزت عبر الإنجازات التي قدمها في المحاور الآتية:
1. تحسين الإنتاجية:
غيَّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالَم العمل عبر تحسين الإنتاجية وتطوير عمليات الإنتاج والتصنيع؛ وذلك من خلال تحليل البيانات والمعلومات وتحديد العوائق والمشكلات التي تواجه الإنتاجية وتحديدها بدقة، وتطوير الحلول الفاعلة لمعالجتها.
يحسِّن الذكاء الاصطناعي الإنتاجية في العمل من خلال تطبيقه للتقنيات المتطورة العديدة التي تساعد على تحليل البيانات وتحسين الكفاءة والجودة في العمل، ومن أهم هذه التقنيات:
- التعلم الآلي (Machine learning): يحلل النظام الذكي البيانات والمعلومات المتاحة ويستخرج الأنماط والتوقعات المستقبلية؛ ومن ثَمَّ يمكن تحسين الإنتاجية والجودة وتحديد العيوب والأخطاء في العمل.
- الإنترنت الصناعي (IoT): يمكن ربط المعدات والأجهزة بشبكة الإنترنت وجمع البيانات وتحليلها؛ ومن ثَمَّ يمكن تحسين إنتاجية العمل وتوفير وقت وجهد كبيرَين.
- الروبوتات الذكية (Smart Robots): يمكن استخدام الروبوتات الذكية في العمليات الإنتاجية والتصنيعية؛ ومن ثَمَّ يمكن تحسين الإنتاجية والجودة وتقليل الأخطاء والأعطال.
- تحليل البيانات الكبيرة (Big Data Analytics): يمكن تحليل البيانات الكبيرة واستخراج الأنماط والتوقعات المستقبلية؛ ومن ثَمَّ يمكن تحسين الإنتاجية والجودة وتحديد العيوب والأخطاء في العمل.
- الأتمتة (Automation): يمكن استخدام الأتمتة في عمليات إنتاجية وتصنيعية عديدة؛ ومن ثَمَّ يمكن تحسين الإنتاجية والجودة وتقليل الأخطاء والأعطال.
يمكن للذكاء الاصطناعي بفضل هذه التقنيات، وتحسين الإنتاجية في العمل، وتحقيق النجاح والتميز في المجالات المختلفة، كما يستطيع تقليل الأعطال والأخطاء في العمل؛ ومن ثَمَّ توفير كثير من الوقت والجهد والموارد، وهذا ساعد على تحسين الكفاءة والإنتاجية وتحقيق الأهداف المرجوة.
2. تحسين تجربة المستخدم:
غيَّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالم العمل أيضاً عبر تحسين تجربة المستخدم وتحسين الخدمات المقدمة له؛ وذلك من خلال تحليل البيانات والمعلومات الخاصة بالمستخدمين وتقديم الخدمات المناسبة، والتي تُلبي احتياجاتهم بدقة وفاعلية، ويحسِّن الذكاء الاصطناعي تجربة المستخدم بطرائق عديدة، منها:
- تحسين التفاعل الإنساني – الآلي: إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين التفاعل بين المستخدم والجهاز أو التطبيق، وجعله أكثر سلاسة وسهولة ودقة؛ وذلك من خلال استخدام التعلم الآلي والتفاعل الصوتي والنصي والصوري والحركي.
- الاستجابة السريعة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم من خلال توفير الإجابات السريعة والدقيقة؛ وذلك من خلال استخدام تقنيات التعلم الآلي والتفاعل الذكي.
- تحسين الجودة والدقة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم، من خلال توفير المعلومات الدقيقة والجودة والتحليلات المتقدمة؛ وذلك من خلال استخدام تقنيات تحليل البيانات والتعلم الآلي.
- التصميم الذكي: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم من خلال تحليل سلوك المستخدم وتفضيلاته؛ وذلك لتحسين تصميم الواجهة وجعلها أكثر سهولة وفاعلية.
- الاقتراحات الذكية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم من خلال توفير الاقتراحات الذكية والتوصيات المتقدمة؛ وذلك لتوفير تجربة شخصية ومُخصَّصة لكل مستخدم.
إضافة إلى ذلك، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم من خلال تحليل البيانات المتاحة وتحديد العيوب والأخطاء وتحسين الأداء، وكذلك من خلال تحليل سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم وتحسين التجربة في المجمل.
3. تحسين الأمن والسلامة:
غيَّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالَم العمل حين استطاع أن يُحسِّن من مستوى الأمن والسلامة في المجالات المختلفة؛ وذلك من خلال تحليل البيانات والمعلومات والكشف عن أي مخاطر أو تهديدات، وتطوير الحلول الفاعلة لمعالجتها، ويمكن للذكاء الاصطناعي رفع معدل الأمن والسلامة في العمل من خلال مجموعة من الأساليب والتقنيات، ومنها:
- التحليل الآلي للبيانات: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات تحليلاً سريعاً ودقيقاً، وتحديد المخاطر المحتملة في عمليات العمل والتنبؤ بالأعطال المحتملة؛ ومن ثَمَّ تقليل فرص حدوث الأخطار والحوادث.
- الأتمتة الذكية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الأتمتة والتحكم بالعمليات الخطرة تحكماً آمناً وفاعلاً، وهذا يقلِّل من فرص حدوث الحوادث والأخطار.
- التعلم الآلي: يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام تقنيات التعلم الآلي لتحليل البيانات وتحديد الأنماط المرتبطة بالحوادث والأخطار؛ ومن ثَمَّ تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها لتقليل فرص حدوث الأخطار والحوادث.
- الإنترنت الصناعي: يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام الإنترنت الصناعي لرصد العمليات وتحليل البيانات المتعلقة بها؛ ومن ثَمَّ تحديد المخاطر والأخطار المحتملة واتخاذ الإجراءات الواجب اتخاذها لتجنب حدوثها.
- الروبوتات الذكية: يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام الروبوتات الذكية في العمليات الخطرة والمحفوفة بالمخاطر؛ ومن ثَمَّ تخفيف الأخطار المحتملة التي يتعرض لها العمال.
إضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز الأمن والسلامة في العمل من خلال تحليل البيانات الأمنية وتحديد الثغرات الأمنية وتوفير الحلول الذكية لمعالجتها، وكذلك من خلال تحديد المواقع الخطرة وتوفير الحلول الوقائية لتجنب حدوث الحوادث.
4. تحسين الخدمات الصحية:
غيَّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالَم العمل عبر تحسين الخدمات الصحية وتحسين جودة الرعاية الطبية؛ وذلك من خلال تحليل البيانات الطبية وتوفير الحلول الفاعلة لتحسين العلاج وتحسين الرعاية الصحية، ويحسِّن الذكاء الاصطناعي الخدمات الصحية بطرائق عديدة، منها:
- التشخيص الدقيق: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين التشخيص الطبي وجعله أكثر دقة وفاعلية؛ وذلك من خلال تحليل البيانات الطبية الكبيرة وتقديم التشخيص الصحيح تقديماً دقيقاً وسريعاً.
- تحليل البيانات الصحية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الصحية والتنبؤ بالأمراض المحتملة وتوفير الرعاية الصحية الفاعلة والمخصصة لكل مريض.
- العناية بالمرضى: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الرعاية الصحية والعناية بالمرضى؛ وذلك من خلال تحليل البيانات الصحية وتحديد الأدوية الفاعلة والعلاجات المناسبة لكل مريض وتوفير الرعاية الشخصية.
- البحث الطبي: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين البحث الطبي وتحليل البيانات الطبية الضخمة وتطوير العلاجات الجديدة وتحسين الأدوية الحالية.
- توفير الدعم الصحي: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المرضى وتوفير الدعم الصحي توفيراً فاعلاً؛ وذلك من خلال توفير المعلومات الصحية الدقيقة وتقديم الإرشادات الطبية الشخصية.
إضافة إلى ذلك يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الإدارة الصحية وتحليل البيانات المالية وتحسين الإدارة الكلية للمنشأة الطبية.
5. تحسين العمليات التجارية والتسويقية:
غيَّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالم العمل بفضل قيامه بتحسين العمليات التجارية وتحسين كفاءة العمل؛ وذلك من خلال تحليل البيانات والمعلومات وتحديد العوائق والمشكلات التي تواجه العمل وتطوير الحلول الفاعلة لمعالجتها، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحسِّن العمليات التجارية والتسويقية بطرائق عديدة، ومنها:
- التحليل الآلي للبيانات: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الكبيرة وتحديد الاتجاهات والأنماط في سلوك المستهلكين وتحديد الاحتياجات والرغبات الخاصة بهم.
- تحسين تجربة المستخدم: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم وجعلها أكثر شخصية وملاءمة؛ وذلك من خلال توفير تجربة تسويقية مُخصَّصة لكل مستخدم.
- التسويق الرقمي: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين العمليات التسويقية الرقمية وجعلها أكثر فاعلية وتخصيصاً؛ وذلك من خلال تحليل البيانات وتحديد الأفضليات والأنماط السلوكية للمستهلكين.
- الإدارة الذكية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الإدارة الذكية وتحسين العمليات التجارية وجعلها أكثر فاعلية؛ وذلك من خلال تحليل البيانات وتحديد النقاط الضعيفة وتطوير الاستراتيجيات الفاعلة لتحسين العمليات.
- التنبؤ بالطلب: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات والتنبؤ بالطلب على المنتجات والخدمات وتحديد الكميات المطلوبة وتوفيرها لتلبية الاحتياجات.
إضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الإعلانات وتحليل النتائج وتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها لتحسين العائد على الاستثمار.
في الختام:
لقد غيَّر الذكاء الاصطناعي وجه الصناعة وعالَم العمل؛ لكونه قادراً على أن يحلِّل البيانات والمعلومات تحليلاً أكبر وأسرع من البشر، وهذا سمح باتخاذ قرارات أكثر دقة وفاعلية في وقت قصير، وبهذه الطريقة تمكَّن للذكاء الاصطناعي من تحسين أداء العمل وتحقيق النجاح والتميز في المجالات والصناعات المختلفة.
نستطيع مع تطور التقنيات الذكية، توقُّع أن يزداد دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء وتحقيق النجاحات، ويمكن للشركات والمؤسسات الاستفادة من تقنياته لتحسين عملياتها وتحقيق أهدافها بطريقة أفضل وأكثر فاعلية.
لكنَّ الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يَحُلَّ محلَّ الإنسان تماماً، وأنَّه يجب على البشر الاستفادة من هذه التقنية بطريقة مسؤولة وفاعلة، والاحتفاظ بالقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة والتفاعل مع الآلات بطريقة تحقق النجاح والتميز في العمل.
اكتشاف المزيد من مباشر التقنية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.