لأنَّ الهدف من الذكاء الاصطناعي هو تصميم أجهزة حاسوب يمكنها أن تفكر كما الإنسان يفعل؛ فقد اقترح بعض الناس ممن آمنوا بالفكرة بأن يتم تصميم جهاز الحاسوب على غرار الدماغ البشرية المتكونة من شبكة من الخلايا العصبية، وفي عام 1954م تم تطوير أول شبكة عصبية اصطناعية.
في بداية القرن الواحد والعشرين أصبحت الشبكات العصبية الاصطناعية قادرة على القيام بالكثير من الأعمال المعقدة كالتعرف إلى الوجوه مثلاً، ومن ثم توالت التصميمات، فقد تم تصميم الكثير من الروبوتات ولأهداف مختلفة، وازداد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي مع مرور الزمن أكثر فأكثر.
الذكاء الاصطناعي:
يشير هذا المصطلح إلى قدرة الحاسوب على أداء مهام ذكية ونشاطات يقوم بها العقل البشري مثل حل المشكلات والقدرة على التعلم والاستنتاج وصنع القرارات والتصرف وتقييم ردود الأفعال بحيث يتم تزويد الحاسوب الذي يتحكم بآلة صماء أو روبوت ببرامج وخوارزميات تجعلها تبدو كالإنسان وكأنَّها تمتلك عقلاً ذا قدرات تماثل قدرات العقل البشري، فتتصرف الآلة أفضل التصرفات التي يقوم بها الإنسان.
مثال عن الذكاء الاصطناعي سنتحدث عن لعبة الشطرنج التي تعد من أبحاث الذكاء الاصطناعي الشهيرة، فقبل ظهور الذكاء الاصطناعي كانت لعبة الشطرنج تُصمم من خلال تخزين أكبر عدد من احتمالات النقلات التي يمكن أن يقوم بها من يلعب هذه اللعبة أمام الحاسوب، إضافة إلى رد فعل اللاعب بعد كل نقلة، ومن ثم تتطلب لعبة الشطرنج تخزين ملايين الاحتمالات وربما مليارات الاحتمالات.
لكن بعد ظهور الذكاء الاصطناعي أصبح الأمر مختلفاً، فقد أصبح المصمم يقوم بتزويد برنامج لعبة الشطرنج بالخوارزميات التي تعطيه القدرة على التعلم والاستنتاج وتقييم ردود الأفعال بعد كل نقلة فأصبح البرنامج مشابهاً للإنسان الذي يتعلم الشطرنج شيئاً فشيئاً ليصبح خبيراً في هذه اللعبة مع مرور الزمن.
ينطبق هذا الأمر على مختلف الآلات، فالآلات التقليدية مصممة ومبرمجة من خلال العديد من القواعد التي تجعلها تعمل ضمن سياق محدد، بينما الذكاء الاصطناعي يسمح للآلة بالتفكير والتطور، وذلك بالاعتماد على البيانات والقواعد التي تلقتها الآلة سابقاً.
أنواع الذكاء الاصطناعي:
للذكاء الاصطناعي أربعة أنواع كما يأتي:
1. الآلات التفاعلية:
هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يعد الأبسط من بين الأنواع الأربعة، بحيث تقوم الآلات التفاعلية بمهام أساسية فقط، وآلية عملها لا تتضمن عملية تعلُّم ذاتي كالآلات التي تتعرف إلى وجه الإنسان.
2. الذاكرة المحدودة:
في هذا النوع من الذكاء الاصطناعي تكون الآلة لديها القدرة على التوقع والتنبؤ للمستقبل نتيجة البيانات التي تم تخزينها سابقاً كالسيارات ذات القيادة الذاتية؛ إذ يتم تخزين جميع البيانات التي تتعلق بالعوامل المحيطة بالسيارة كحالة الطرق والازدحام التي تمكِّن السيارة من اتخاذ القرارات الصحيحة، وينطبق هذا النوع من الذكاء الاصطناعي على مختلف الآلات والأجهزة الموجودة حالياً التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في عملها.
3. نظرية العقل:
هذا النوع من الذكاء الاصطناعي هو النوع الذي يعمل عليه العلماء حالياً لتحويله من فكرة إلى واقع بحيث تصبح الآلة قادرة على معرفة احتياجات الشخص الذي يتعامل معها وفهم مشاعره وفهم طريقة تفكيره لمساعدته على اتخاذ أفضل قرار، وبذلك يشعر الإنسان نفسه بأنَّه في أفضل حال.
4. الوعي الذاتي:
هو المستقبل البعيد من الذكاء الاصطناعي الذي يعني صنع آلة أو روبوت ذي وعي ذاتي وذكاء خاص، لكن حينها سيصبح الإنسان مضطراً إلى التفاوض مع الآلة التي قام بنفسه بصنعها، وهذا الأمر قد يبدو مخيفاً للكثير من البشر.
أهمية الذكاء الاصطناعي:
الذكاء الاصطناعي يؤثر في مختلف مجالات حياتنا وفي مستقبل مختلف القطاعات، ومن المتوقع ازدياد تأثير الذكاء الاصطناعي خلال السنوات القادمة بشكل كبير، وتعود أهمية الذكاء الاصطناعي لكونه يزيد من كفاءة الأعمال ومن قيمتها ومن سرعة تنفيذها أيضاً، ومن ثم يسهل على الفرد القيام بمختلف الأعمال، كما أنَّه يزيد من تفاعل المتعاملين مع مختلف جوانب القطاع الصناعي، ومن ثم يتسبب بازدهاره المستمر.
مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي:
يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في مختلف المجالات كما تحدَّثنا آنفاً، وهذه المجالات هي الأبرز والأهم بالنسبة إلى أي فرد:
1. الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة:
اعتمدت العديد من المراكز الصحية على الذكاء الاصطناعي في معاينة المرضى وعلاجهم، فمثلاً النظام الذي تم تطويره بهدف وقاية الإنسان من الإصابة بالسكتة الدماغية؛ إذ يقوم النظام بإرسال تنبيهات تحذر بأنَّ المريض معرض لخطر الإصابة بالسكتة من أجل أخذ الاحتياطات اللازمة، ومن ثم يعد هذا النظام منقذاً لحياة الملايين من البشر.
أيضاً تم تطوير جهاز رقمي ذكي جداً باستطاعته الكشف عن أمراض القلب، كما أنَّ شركة (Aifloo) تعمل على تطوير نظام خاص بالأشخاص كبار السن ممن يقيمون في دور الرعاية الصحية التي ترعى المسنين بهدف مساعدتهم على القيام بأعمالهم ونشاطاتهم الروتينية اليومية، إضافة إلى ما سبق فقد ساهم الذكاء الاصطناعي في تضييق دائرة التحاليل الطبية التي يحتاجها المريض، ومن ثم تفادي إجراء تحاليل غير ضرورية للمريض.
2. الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم:
تم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التجربة التعليمية بحيث أصبح اختبار الطلبة ومعرفة قدراتهم وخبراتهم السابقة أسهل من أجل معرفة نمط ومستوى الطالب ونقاط الضعف لديه، ومن ثم تحديد المواد الدراسية المناسبة له، وهذا يفيد في تفادي تلقي دروس لا يحتاجها الطالب وربما تساعده على اختيار الاختصاص الجامعي المناسب له، وهذا الأمر مساعد بشكل كبير للمعلمين أيضاً سواء في إنجاز الأعمال الإدارية المطلوبة منهم أم في تقييم الطلبة أم في تحضير الاختبارات.
كما أنَّ الذكاء الاصطناعي ساهم في كسر الحواجز الجغرافية فأصبحت المواد والفصول الدراسية في متناول جميع الطلبة في مختلف أنحاء العالم بصرف النظر عن مكان وجودهم أو لغتهم أو غير ذلك من العقبات التي تقف في وجه التعلم، وقد تكون الخطوات القادمة هي العمل على تصميم ربوتات مشابهة للإنسان ليأخذ دور المعلم بدلاً منه ويقوم بإعطاء الدروس وإلقاء المحاضرات.
3. الذكاء الاصطناعي في مجال الفضاء:
ساعد الذكاء الاصطناعي علماء الفلك على دراسة وتحليل البيانات التي يتم جمعها بواسطة أجهزة اكتشاف الفضاء خلال السنوات السابقة، فبفضل الذكاء الاصطناعي تم اكتشاف وتحديد الأنظمة الشمسية وأنظمة المجرات واكتشاف الكواكب التي تبعد عن كوكب الأرض آلاف السنين الضوئية وربما ملايين السنين الضوئية، وأيضاً ساعد الذكاء الاصطناعي على عمل المركبات الفضائية التي تذهب وتكتشف المريخ وتقوم بدراسته لتكتشف خفاياه.
4. الذكاء الاصطناعي في مجال التسويق:
التسويق هو الطريقة التي تعرض فيها الشركات منتجاتها وميزات كل منها؛ إذ إنَّها تبرز منتجاتها في أفضل شكل وتعمل على وصولها إلى أكبر شريحة من المجتمع، وساعد الذكاء الاصطناعي على ذلك، فمثلاً عند القيام بالبحث عن منتج معين تقوم المواقع الإلكترونية بعرض المنتج وجميع المنتجات الأخرى المشابهة له، فيتمكن من اختيار أكثرها تميزاً أو أنسبها لوضعه المادي، وأيضاً عندما تقوم بالبحث عن فيلم معين مثلاً ستجد كافة الأفلام التي تتسم بنفس الصفة؛ وذلك بسبب توقعها لرد فعل المشاهد ومعرفتها للنمط الذي يرغب بمشاهدته.
5. الذكاء الاصطناعي في مجال عمل البنوك والمصارف:
أثر الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية إيجاباً، فقد ساعد البنوك والمصارف على تطوير أنظمتها لتسهيل عمل العملاء ولسهولة كشف الاحتيال من خلال تحليل سلوك المعاملات البنكية التي يقوم بها العملاء، ولتقديم إجابة سريعة لكافة الأسئلة التي يطرحها العملاء وبشكل بسيط.
6. الذكاء الاصطناعي في مجال النقل:
كما قلنا آنفاً فقد تم تطوير نظام عمل السيارات؛ إذ تم استخدام برنامج القيادة الذاتية وغيرها من التقنيات التي ساهمت بتخفيض الازدحام بشكل كبير، ومن ثم قللت من نسبة التعرض للحوادث سواء بسبب الازدحام أم بسبب الظروف المحيطة غير المناسبة للسير.
في الختام:
يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تصميم آلات وروبوتات ذكية تحاكي العقل البشري وقادرة على القيام بالعديد من الأعمال التي يقوم بها العقل البشري كالتفكير وحل المشكلات واتخاذ القرارات والاستنتاج وما شابه ذلك، وللذكاء الاصطناعي أنواع منها الآلات التفاعلية التي تنفذ مهام أساسية وبسيطة، ومنها الذاكرة المحدودة التي تتميز بأنَّها قادرة على تخزين البيانات والتوقعات، ومن ثم لديها قدرة التنبؤ بالمستقبل.
أما ما يسعى الإنسان إلى الوصول إليه مستقبلاً فهو تصميم روبوتات لديها وعي ذاتي بنفسها، ومن ثم ستواجه الإنسان وربما سيكون مضطراً إلى التفاوض معها في مختلف جوانب الحياة، وقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة وما زال السعي مستمراً لتوسيع مجالات الاستفادة منه مستقبلاً.
من أبرز المجالات التي تم استخدام الذكاء الاصطناعي فيها هو مجال الصحة الذي ساهم في التنبؤ بالكثير من الأمراض، ومن ثم إمكانية إنقاذ الآلاف من المرضى، كما ساعد الذكاء الاصطناعي المعلمين على إنجاز أعمالهم كتقييم الطلبة ومعرفة نقاط ضعفهم، ومن ثم تحديد المواد التعليمية التي يحتاجون إليها.
اكتشاف المزيد من مباشر التقنية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.